يوصف العراق بأنه 'أكثر البلدان هشاشة للتغيرات المناخية' بعد عقود من الحروب والإهمال، فاقمت حالات التلوث إلى درجة لا يمكن إحصاؤها. فهناك المناطق التي كانت ساحات حرب، طالها التلوث باليورانيوم المنضب، كما هو الحال في جنوب العراق، أو التلوث الناتج عن الفسفور الأبيض الذي استخدمته القوات الأميركية في معارك الفلوجة عام 2004.
وستصل آثار هذه الأسلحة المحرمة دولياً إلى الأجيال المقبلة، عبر ارتفاع ملحوظ في الأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية عند حديثي الولادة.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد أعلن في كلمة ألقاها مؤخراً في القمة الافتراضية عن طموح المناخ، عن خطط وجهود حكومية لتحجيم الآثار السلبية للتغيرات المناخية، تقوم على 'توجه نحو حقبة جديدة في دعم الطاقات المتجددة وتخفيض انبعاث الكربون والتلوث'.
وأوضح صالح أن البرلمان العراقي صوت في 22 سبتمبر (أيلول) 2020 على الانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ، ما يعني الشروع في حقبة جديدة ونقلة نوعية تبنى على التنوع الاقتصادي.
وأشار إلى أن العراق شرع بكتابة وثيقة الإسهامات الوطنية (NDC) باعتبارها السياسة العليا للبلاد حول التغيرات المناخية، تأسيساً للاقتصاد الأخضر والمستديم.
بفعل فاعل
هناك كوارث بيئية من نوع آخر، وجهت الاتهامات بارتكابها إلى دول الجوار كجزء من التنافس الاقتصادي، كما حدث عندما التهمت النيران عشرات الهكتارات الزراعية لمحصولي الحنطة والشعير في عدة محافظات عراقية، بالتزامن مع نفوق ملايين الأسماك في بابل وديالي والديوانية وذي قار. وقدرت الخسائر بمليارات الدولارات بعد نفوق 90 في المئة من الثروة السمكية، على الرغم من أن وزارة الزراعة أوضحت أن سبب نفوقها يعود إلى مرض 'تنخر الغلاصم البكتيري'، نافية أن يكون السبب هو إلقاء مواد سامة في النهر، لكن اختصاصي الطب البيطري عبد الجبار الشمري يشير إلى أن الأسماك لا يمكن أن تنفق في هذه البيئة إلا بفعل فاعل، فهي تملك القدرة على العيش بمحلول ملحي، ومن المعروف أن نسبة الأملاح في مياه الأنهار لا تتجاوز 5 في المئة.
هيئة وطنية
يوضح أستاذ هندسة البيئة حسين يوسف محمد الحسيني أن التلوث البيئي في البلاد متعدد الأنواع والأسباب، مشيراً إلى ما خلفته المعارك العسكرية، بالإضافة إلى تسرب فضلات المنشآت كافة إلى الأنهار من دون وجود رقابة بيئية صارمة.
ويضيف 'هناك تلوث للبيئة حدث بفعل الفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة، فحتى الآن لم يكشف عن الجهات التي تقف خلف العمليات التخريبية التي طالت المواد الغذائية والحيوانية ولم يحاسب المقصرين، في حين اكتفت الدوائر المعنية بنشر تحليلات غير مقنعة وغير علمية لهذه الحوادث'.
ويرى الحسيني أن ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان هو إحدى نتائج التلوث البيئي، ولا يمكن حل هذه المشكلات إلا بتشكيل هيئة وطنية بصلاحيات واسعة تعنى بشؤون البيئة وترتبط بالجهاز القضائي، على أن تكون غير خاضعة لأي جهة حكومية.
التعليقات على المقالة 1
بوزيد بوخزار10/1/2023